روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | المُعَقِّبات...ملائكة حافظون!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > المُعَقِّبات...ملائكة حافظون!


  المُعَقِّبات...ملائكة حافظون!
     عدد مرات المشاهدة: 2601        عدد مرات الإرسال: 0

قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ...} [الرعد:11].

الله عز وجل لطيف بَر رحيم بعباده، خلقهم ورزقهم، وأفاض عليهم من خزائن جوده، {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النحل:18]، ومن هذه النعم الجليلة من الرب الرحيم أن سخر للإنسان ملائكة يحفظونه من شرور الإنس والجن، وذلك بأمره عز وجل، فقال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ...}

يقول ابن كثير: وقوله سبجانه: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} أي: للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حرس بالليل وحرس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فاثنان عن اليمين وعن الشمال يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحدا من ورائه وآخر من قدامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل بدلا حافظان وكاتبان، كما جاء في الصحيح: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون»، وفي الحديث الآخر: «إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع، فاستحيوهم وأكرموهم».

وقال عكرمة، عن ابن عباس: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه، وقال مجاهد: ما من عبد إلا له ملك موكل، يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال الملك: وراءك، إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه.

وقوله: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} قيل: المراد حفظهم له من أمر الله، رواه علي بن أبي طلحة، وغيره، عن ابن عباس، وإليه ذهب مجاهد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وغيرهم. وقال قتادة: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} قال: وفي بعض القراءات: {يحفظونه بأمر الله} وقال كعب الأحبار: لو تجلى لابن آدم كل سهل وحزن، لرأى كل شيء من ذلك شياطين لولا أن الله وكل بكم ملائكة عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم، إذا لتخطفتم. وقال أبو أمامة: ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه، حتى يسلمه للذي قدر له، وقال أبو مجلز: جاء رجل من مراد إلى علي، رضي الله عنه، وهو يصلي، فقال: إحترس، فإن ناسا من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وإن الأجل جُنة حصينة، وقال بعضهم: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} بأمر الله، كما جاء في الحديث أنهم قالوا: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقي بها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال: «هي من قدر الله»     -تفسير ابن كثير 4/438-440.

وقال ابن عاشور: المعقبات جمع معقبة -بفتح العين وتشديد القاف مكسورة- إسم فاعل عقبه إذا تبعه، وصيغة التفعيل فيه للمبالغة في العقب، يقال: عقبه إذا إتبعه، وإشتقاقه من العقب    -بفتح فكسر- وهو اسم لمؤخر الرجل، فهو فعل مشتق من الاسم الجامد، لأن الذي يتبع غيره كأنه يطأ على عقبه، والمراد: ملائكة معقبات، والواحد معقب، وإنما جمع جمع مؤنث بتأويل الجماعات، والحفظ: المراقبة، ومنه سمي الرقيب حفيظا، والمعنى: يراقبون كل أحد في أحواله من إسرار وإعلان، وسكون وحركة، أي في أحوال ذلك، قال تعالى وإن عليكم لحافظين. و{من بين يديه ومن خلفه} مستعمل في معنى الإحاطة من الجهات كلها. وقوله {من أمر الله} صفة معقبات، أي جماعات من جند الله وأمره، كقوله تعالى {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} وقوله {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} يعني القرآن.

ويجوز أن يكون الحفظ على الوجه المراد به الوقاية والصيانة، أي يحفظون من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، أي يقونه أضرار الليل من اللصوص وذوات السموم، وأضرار النهار نحو الزحام والقتال، فيكون -من أمر الله- جارا ومجرورا لغوا متعلقا بـ {يحفظونه}، أي يقونه من مخلوقات الله، وهذا منة على العباد بلطف الله بهم وإلا لكان أدنى شيء يضر بهم. قال تعالى الله لطيف بعباده -التحرير والتنوير 14/101.

فإن كان هذا لطف الله بك أيها العبد الضعيف، فخليق بك أن تتوجه لله رب العالمين بالحمد والشكر، وتتقرب له وحده دون سواه بالعبودية، وتستحي من ملائكته الذين يرافقونك ويحفظونك.

المصدر: موقع دعوة الأنبياء.